2011-12-06
ألقى الباحث الدكتور نائل حنون في معهد الآثار والمتاحف بقلعة دمشق محاضرة
بعنوان «سورية عبر الحضارات القديمة» تناول فيها مجموعة من المحاور المؤثرة
في عمل المختصين والمهتمين بالدراسات الآثارية والحضارية.
حيث أكد في المحور الأول وحدة حضارة المشرق العربي القديم التي تأسست في
سورية وبلاد الرافدين لتكون أقدم الحضارات الأصلية في تاريخ البشرية ومهما
اختلفت تسمياتها فهي حضارة واحدة مرت بعصور متعاقبة واكتسبت ملامح محلية
هنا وهناك وإنما بخصائص موحدة.
وأشار حنون إلى أهمية تطوير القدرات للتعامل مع هذه الحضارة ودراستها سواء
في عصور ما قبل التاريخ أو في العصور التالية لاختراع الكتابة، مؤكداً
ضرورة تجاوز تأخرنا في دراسة حضاراتنا القديمة واستجلاء معالمها بتوسيع
البحث فيها والكتابة عنها بما يضمن عمق الفهم لها. ونوه حنون في محاضرته
بقضية تعميم القدرة على النقد البناء للدراسات الغربية في مجال الآثار
واللغات القديمة والحضارة إضافة إلى البحث عن دلائل المنجزات الكبرى الأولى
مهما صغرت وذلك كله بهدف تقديم بحوث رصينة مقروءة ومفهومة تنطلق من الذات
بدلاً من الاعتماد على باحثين أجانب.
ودعا حنون إلى التخلص من منهج التلقي في فهم حضارتنا والخروج من مسألة
الاعتماد على الآخر في البحث وذلك من خلال إلغاء الفواصل بين التخصصات في
الدراسات الآثارية واللغوية على اعتبار أن هنالك قلة في المتخصصين مقابل
ضخامة في التراث الحضاري منوهاً بأهمية رسم مسارات للبحوث المستقبلية
تجنباً للتلكؤ وحفاظاً على مستوى علمي رصين لا يختلط فيه الارتجال والنقل
والسطحية مع الدقة والأصالة والتعمق.
وعن حضارة سورية قال حنون: «إن خصائص هذه الحضارة تنطبق على مهد الحضارات
فقد عاشت حضارتها كل العصور ولم يكن دورها عابراً وإنما خلاق ورائد ومنجز
وهذا ما تؤكد عليه المكتشفات الأثرية منذ العصر الحجري القديم حيث ظهرت
آثار الحياة في الكثير من المواقع السورية».
واستعرض حنون منجزات العصر الحجري الحديث حسب مواقعه في سورية ثم تطرق إلى
العصور اللاحقة التي تثبت عدم الانقطاع في التواصل الحضاري وعدم التباطؤ في
تقديم المنجز الحضاري محصياً 54 موقعاً من العصر الحجري الحديث وداعياً
إلى ضرورة إنجاز الخارطة الأثرية السورية وعرض الخطوات المنجزة في موسوعة
المدن السورية القديمة التي أحصي منها حتى الآن ما يتجاوز 450 مدينة لم
يكتشف منها سوى 6 بالمئة.
وفي الختام تحدث حنون عن منجز الكتابة في الحضارة السورية بدءاً بالعصر
الحجري الحديث وصولاً إلى تبلور الكتابة في الألف الرابع قبل الميلاد.
يذكر أن حنون من مواليد العراق 1952م وهو حاصل على شهادة بكالوريوس في
الآثار القديمة من جامعة بغداد 1972م وماجستير آداب الآثار القديمة 1976م
وماجستير آداب في الكتابات المسمارية ودكتوراه فلسفة في اللغة الآكادية
وآدابها من جامعة تورنتو وعمل باحثاً علمياً
........ في المتحف الوطني العراقي ومدرساً في كلية التربية جامعة القادسية
وعميد كلية الآداب جامعة القادسية وأستاذا في قسم الآثار في كلية الآداب
بجامعة دمشق منذ عام 2004.